ماذا في القرآن الكريم عن الثورة؟ وما هو موقف السُّنَّة النبوية منها؟ وماذا فيهما عن العدل الاجتماعى؟ وهل للإسلام والمسلمين فى هذه القضية تراث نظرى؟ وخبرة عملية في الممارسة والتطبيق؟ وأية آفاق فتحها الإسلام بهذا الميدان أمام الإنسان؟ ثم لماذا اتفق موقف الإسلام من الثورة؟ على حين اختلف عليها المفكرون المسلمون، فأجازها فريق! وأوجبها فريق! وحرمها آخرون! إن الغد وثيق الصلة باليوم، ومحال أن نفصل الحاضر عن الماضي، والواقع عن التراث، والقضايا التي نعيشها اليوم ضاربة جذورها في تاريخ المسلمين وفكر الإسلام! ولتلك القضية يصدر هذا الكتاب.
حركة (الصعلكة ) و (الفُتوَّة )، التي عَرَفها واقع شبه الجزيرة العربية قَبْل الإسلام، كانت واحدة من حركات الرفض والتمرد والانتفاض، ضد مظالم ذلك الواقع الجاهلي؛ فهؤلاء الشعراء الذين عُرِفوا بـِِِِ (شعراء الصعاليك )، ومِن تَبِعهم من أصحاب الأفق المستنير، ومن المقاتلين والفرسان قد انخرطوا في تيار للمقاومة الرافضة، وتَسلحوا بالعنف الثوري، الذي استخدموه في الإغارة على الأثرياء؛ يَنتزعون ثراءهم كي يعيدوا توزيعه على الفقراء؛ وهم لذلك قد هَجَروا الحواضر والقُري والمدن إلى البادية، يَشنون منها غاراتهم التي أَشبهت حرب العصابات، ويمارِسون تقاليدهم المعيشية المتميِّزة، التي سَجلتها أشعارهم في مصادر التراث.
التيار الفكري الديني المسمى بـِِِِ (الحنفاء ) انتشر أصحابه وأتباعه في أماكن كثيرة من أرض شبه الجزيرة، يَرفضون الوثنية، ويُنكِرون مظالم الجاهلية، ويتطلعون إلى مجتمع جديد وفِكر جديد؛ وفي سبيل ذلك أَخذوا يَبحثون عن بقايا عقيدة التوحيد، كما عَرَفتها قرونهم الأولى على يد (إبراهيم الخليل )، ويحاولون بِناء نمط فکريّ دینيّ من هذه البقايا، وقد كان (أبو ذر الغفاري ) واحدًا من هؤلاء الحنفاء، اهتدى بتأمله وبفكره إلى التوحيد؛ فوَحَّد الله وصلَّي له وحده، دون واسطة، قبل ظهور الإسلام بسنوات ثلاث.
الحديث عن الإسلام كثورة، أو عن الجوانب التي مَثَّلت الثورة في ذلك البناء الفكري والمادي يتطلب إبراز موقف الإسلام من الثورة على جبهتين: الجبهة الفكرية التي تمثلت في القرآن الكريم، وفي السنة النبوية الشريفة، التي كانت ولا تزال بمثابة المُذَكِّرة التفسيرية للقرآن الكريم، والجبهة الواقعية التي تَمثلت في الإنجازات الثورية التي غَيَّر بها الإسلام - عندما ظهر- واقع المجتمع الجاهلي.
جميع التيارات الفكرية الإسلامية، التي انحازت للثورة، وقررت مشروعيتها نظريًا أو عمليًا أو كليهما معًا؛ قد استندت إلى أنَّ القرآن قد أَوجب على الأُمَّة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ولهذا هم يؤكدون على الفعل بعد القول، واستخدام القوة عند الحاجة والتي اتفقوا على تسميتها: (قضية السيف )، وأصبح ذلك مباحًا لدى بعضهم، وواجبًا عند البعض الآخر، وهم قد استندوا في ذلك، إلى قول الله - سبحانه - : "ولتكن منكم أُمَّة يَدْعون إلى الخير ويَأمرون بالمعروف ويَنهون عن المنكَر ".
إذا كان الأمر بالمعروف يقف عند حدود: الهُدي والنصح بالتي هي أحسن؛ فإن النَهي عن المنكَرلا يتوقف عند النهي باللسان وإنما يستوجب الفعل، ويؤيِّد ذلك عديد من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - مِن مِثل قوله: "من رأى منكم منكَرًا؛ فليغيره بيده؛ فإن لَم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " فإذا اقتنع القلب بأن هذا المنكر يجب تغييره، وجب على اللسان أن ينهى وعلى البدن أن يُغيّره إذا استطاعا؛ فالفعل هنا يَتقدم على غيره من وسائل التغيير، وقال - صلى الله عليه وسلم -، محذرًا الأُمَّة من التخلي عن هذا الطريق الصعب: "لتأمرُن بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، ولتأخذُن على يد الظالم ولتأطرونه على الحق أطرًا، أو ليَضربن الله قلوب بعضكم ببعض، ثم تَدْعون فلا يُستجاب لكم ".
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان